مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويطبيعة ومجال

الفرشاة المائية بحوض العيون الداخلة

إن الفرشة المائية هي مجموع المخزون المائي الجوفي (الباطني)، والذي يعتبر من بين الموارد الباطنية المهمة لاستمرار البشرية، وأحد شرايين وعصب الاقتصاد في كل بلدان العالم. وتنقسم الفرشة المائية إلى ثلاثة أنواع:

1) الفرشة السطحية: والتي تكون قريبة من سطح الأرض، وبالتالي يسهل استخراجها واستعمالها وتوزيعها.

2) فرشة مركبة: وهي خليط يضم الفرشة السطحية والعميقة حسب التركيب الجيولوجي للمنطقة.

3) الفرشة العميقة: وتكون فيها المياه عميقة جدا ويصعب استخراجها، وهي التي تتواجد بحوض الساقية الحمراء ووادي الذهب.

يحتل الحوض الرسوبي الممتد من العيون إلى الداخلة الجزء الغربي للحوض المائي للصحراء على طول المحيط الأطلنتي، ويشغل مساحة تقدر بحوالي 110000كلم2، جزء منه قاري، والآخر يمتد تحت المحيط، كما يضم أكبر احتياط مائي في المنطقة، وتكمن صعوبة استغلال الفرشة الباطنية الإحاثية Nappe profonde fossiliséeفي عمقها الكبير، بحيث تمتد على مسافة كيلومترات قد تصل في بعض الأحيان إلى 2كلم في العمق الأفقي، كما تتطلب الاستعانة بعلم الصخور أو الصخارة. وقبل استغلالها يجب معرفة جودة مياهها (نسبة الملوحة)، والكمية المتاحة للإنتاج؛ أي: نوع الصبيب وكميته والزمن المحدد لاستغلاله (10إلى 25سنة على الأقل). ونشير إلى أن هذه الفرشاة الباطنية الإحاثية غير متجددة وهي محدودة في الزمان والمكان، ولهذا يجب استغلالها بتدبير عقلاني ومحكم.

ومن خلال هذا التشخيص، يمكننا أن نميز بين عدة فرشاة باطنية إحاثية أو استحاثية بحوض العيون ـ الداخلة على الشكل الآتي:

ـ الفرشة الباطنية الطباشيرية (السفلية والعلوية).

ـ الفرشة القارية التي تنتهي عند بئر كندوز  «ميوـ بليوسين Mio-pliocène».

ـ فرشة ذات مياه مالحة بليورباعية Plioquaternaireبضواحي مدينة العيون.

ـ فرشة فم الواد البليورباعية.

فالفرشة الباطنية الطباشيرية تعد من الطبقات المائية السديمة والأكثر أهمية من حيث امتدادها على طول حوض العيون ـ الداخلة حوالي 90000كلم2، وصبيبها يصل إلى 70لتر/ الثانية، وخاصة في المياه الفجارية أو الإرتوازية.

ويصل عمق هذه الفرشة في الجزأين الشمالي والشرقي للحوض 2000متر خاصة في إقليم بوجدور، ويتكون الجزء الشمالي للحوض من أفقين سديمين داخل طبقات من الحث الدولوميتي الطباشيري العلوي، وكذلك من الرمال الطينية الحمراء الطباشيرية السفلية، بينما في الجزء الجنوبي للحوض نجد تكوينات الرمال الدقيقة الصفراء. وهذه الاختلافات في نوعية الأتربة والصخور النفاذية تعطي تباينات في الإنتاجية والصبيب يظهر جليا ما بين الجزء الشمالي والجنوبي للحوض. وأهم مميزات هذا الحوض المائي هي كالآتي:

ـ مساحة شاسعة تقدر بـ 90000كلم2، منها 20000كلم2في مستوى منخفض، والباقي في مستوى أعلى.

ـ عمق الفرشة المائية يتراوح حسب الجهات، فهو ما بين 50متر في الجزء الشرقي للحوض، و1800متر بضواحي مدينة بوجدور، وهي منطقة ساحلية.

ـ صبيب الفرشة يتراوح ما بين 5لترات/ الثانية في جزأيه الشرقي والشمالي، و70لتر/الثانية في وسط الحوض.

ـ جودة المياه: فهي على العموم مقبولة، بحيث نسبة الملوحة بها تتراوح ما بين 2و3غرام/اللتر. بينما تزداد هذه النسبة كلما توجهنا من الشرق نحو الغرب أي في اتجاه الساحلن ومن الجنوب حيث المياه العذبة إلى الشمال. وفي بعض المناطق قد تصل نسبة الملوحة درجة عالية خاصة في منطقتي أخفنير ـ الدشيرة ـ والمسيد 30غرام/ اللتر.

ـ مستوى التنهاة: فهو يصل إلى 140متر في اتجاه الشمال، بينما في وسط الحوض وجنوبه يكون على شكل مياه فجارية أو إرتوازية تصل قوة اندفاعيتها إلى 10بار Bars.

ـ سمك الفرشة: فهو يتراوح ما بين 200إلى 500متر.

ـ احتياطات هذه الفرشة: تبقى غير مدروسة بشكل دقيق 30% منها تم اكتشافه لحد الآن من قبل الجيوفيزيائيين. علما بأن التنقيبات الحالية لم تشمل إلا جزءا ضئيلا من هذا الحوض، فهي لم تغط سوى ثقب واحد لـ 100كلم2. وقد عمد الجيوفيزيائيين على وضع تكهنات للحصيلة المائية لهذا الحوض الطباشيري جاءت على الآتي:

ـ الاحتياط المؤقت للفرشة المائية قدر بحوالي 3مليار م3، استغل منه لحد الآن مليار م3.

ـ ما يستغل منه لحد الآن قدر بحوالي 15مليون م3من قبل المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وجزؤ منه في المزارع المسقية.

ـ هذه الحصيلة المائية تتراجع سنة بعد أخرى بنسبة 30سنتم في السنة أي حوالي 10مليون م3سنويا.

والفرشة الشديدة الملوحة: يوجد جزء من هذه الفرشة بضواحي العيون، والجزء الآخر يحتل منطقة شاسعة من واد الساقية الحمراء، وتوجد هذه الفرشة فوق طبقات كلسية وحثية تنتمي للأصداف البليوسينية، وأهم ما يميزها، هو:

ـ المساحة: تقدر بـ 150كلم.

ـ العمق: يتراوح ما بين 40و60متر.

ـ الصبيب: ما بين 2إلى 15لتر/الثانية.

جودة المياه: غير صالحة للشرب نظرا لنسبة الملوحة المرتفعة، والتي تتراوح ما بين 7إلى 10غرام في اللتر.

ـ مستوى التنهاة: ما بين 30إلى 45متر.

ـ السمك: حوالي 20متر.

ـ الاستغلال: المكتب الوطني للماء الصالح للشرب والسقي الفلاحي.

وفرشة فم الواد: تحتل طبقات صخرية متكونة من الرمل ـ الحثي للبيليوسين، توجد على طول مصب واد الساقية الحمراء، الذي يغذي فرشتها أثناء فيضانه، خاصة في الفترات التي تعرف فيه المنطقة زخات مطرية مهمةـ تجري من خلالها أودية الصحراء، وتتميز هذه الفرشة بالخصوصيات التالية:

ـ المساحة: 90كلم2، والعمق: مابين 30و60متر، ومستوى التنهاة ما بين 25و30متر، والسمك يصل إلى 50متر، والصبيب يتراوح ما بين 2إلى 15لتر في الثانية، وجودة المياه صالحة للشرب، فنسبة ملوحتها تتراوح ما بين 1,5و3غرام في اللتر، وتستغل من طرق المكتب الوطني لماء الصالح للشرب 65/الثانية، والسقي الفلاحي 60لتر/الثانية.

أما بنية هذه الفرشة الباطنية فقد تشكلت في طبقة مقعرة مملوءة بمياه عذبة تطفوا فوق مياه مالحة، هذه الأخيرة تهدد عذوبة المياه العليا؛ وذلك بتسربها نحو الأعلى، فتزيد من نسبة ملوحتها خاصة في فترات جفاف واد الساقية الحمراء الذي يقوم بتغذيتها عبر جريانه في الفترات المطيرة. ومما أثر عليها كذلك بناء سد المسيرة الخضراء الذي حجز عنها مياه الواد الآتية من «حمادة تندوف» و«كلتة زمور». ودور هذا السد يكمن في الحد من فيضانات واد الساقية الحمراء على مدينة العيون، وكذا ليقوم بالتزويد الاصطناعي للفرشة الباطنية لفم الواد.

فرغم المجهودات المبذولة من طرف الدولة لضمان أمن مائي لهذه المنطقة الصحراوية، فإنها تعاني من خصاص كبير؛ نظرا للتمدن المتصاعد، وحاجيات الساكنة الصحراوية من الماء الصالح للشرب، ومتطلبات الصناعات التحويلية المرتبطة بالصيد البحري، بالإضافة للفلاحة التي تعد المنافس والمستهلك الكبير للمياه.

وتبقى فرشاة المياه العذبة محدودة تعد على الأصابع، وهي: فم الواد بالعيون، وتشلا بواد الذهب، إلا أنها مهددة بالزوال؛ نظرا للاستغلال المفرط عن طريق الضخ لتلبية حاجيات الساكنة المتزايدة الاستغلال المفرط في السقي الفلاحي، وتعرف تهديدا آخر متمثلا في التلوث خاصة فرشة فم الواد التي تعاني من التفريغ المباشر للمياه العديمة في قعر الواد، مما يسمم ويلوث أهم فرشة مائية عذبة بالصحراء(1).

 

إعداد: حسناء بوتوادي باحثة بوحدة علم وعمران

رسم الخريطة: أكرم صبحا

 


 (1)انظر: مولاي إدريس شداد، (مادة الفرشة المائية بالصحراء)، معلمة المغرب، نشر دار الأمان، الرباط، الطبعة الأولى 1435هـ/2014م، ملحق (ج4)، (27/492ـ495).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق