مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه

 

 

 

بقلم: يونس السباح

اسمه ونسبه:

هو الصّحابي الجليل، سلمان الفارسي، أحد من قوى الله بهم شوكة الإسلام،  يكنّى أبا عبد الله[1]، و يقال له أيضاً: سلمان الخير[2]. وكان مولىً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وموطنه الأصلي من قرية بأصبهان، من بلاد فارس،  وقيل إنه من جي، وهي مدينة بأصفهان، وقد سُئل عن نسبه فقال: أنا سلمانُ ابن الإسلام.

وأمّا قبل الإسلام فكان اسمه: ما به بن بوذخشان، بن مورسلان، بن بهبوذان،  بن فيروز بن سهرك، من ولد آب الملك. وكان ببلاد فارس مجوسياً سَادِن النَّار[3].

وقد كان إسلامه بركة لهذا الدّين،  ولمّا أسلم، آخى النبي صلى الله عليه وسلم  بينه وبين أبي الدرداء I [4].

قصة إسلامه:

وأمّا قصّة إسلام هذا الصّحابي الجليل، فهي قصّة مشوقة ومؤثّرة في الآن نفسه،  فقد وردت في جلّ كتب السّيَر والحديث، وقد رواها هو عن نفسه، فقال: «كنت من أبناء أساورة فارس، فذكر الحديث، قال: فانطلقت ترفعني أرض، وتخفضني أخرى، حتى مررت على قوم من الأعراب، فاستعبدوني فباعوني حتى اشترتني امرأة، فسمعتهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان العيش عزيزاً، فقلت لها: هبي لي يوماً، فقالت: نعم، فانطلقت فاحتطبت حطباً، فبعتُه فصنعتُ طعاماً، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه، فقال: «ما هذا؟» فقلت: صدقة، فقال لأصحابه: «كلوا» ولم يأكل، قلت: هذه من علاماته، ثم مكثت ما شاء الله أن أمكث، فقلت لمولاتي: هبي لي يوماً، قالت: نعم، فانطلقت فاحتطبت حطباً، فبعته بأكثر من ذلك، فصنعت طعاماً، فأتيته به وهو جالس بين أصحابه، فوضعته بين يديه فقال: «ما هذا؟» قلت: هدية، فوضع يده، وقال لأصحابه: «خذوا بسم الله»، وقمت خلفه، فوضع رداءَه، فإذا خاتم النّبوّة، فقلت: أشهد أنك رسول الله فقال: «وما ذاك؟» فحدثته عن الرّجل، وقلت: أيدخل الجنة يا رسول الله، فإنه حدثني أنك نبي؟ فقال: «لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة» فقلت: يا رسول الله، إنه أخبرني أنك نبي أيدخل الجنة؟ قال: «لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة»[5].

 

صفته وخصاله:

كان سلمان الفارسي رضي الله عنه، أحد النّجباء والرفقاء، و أحد من اشتاقت الجنة إليه، فقد أدرك العلم الأوّل والآخر، وقرأ الكتاب الأوّل والآخر، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي الدرداء، فقدِم الشام زائراً له، وقد عُمّر طويلاً حتى اختلفوا في سنّه اختلافاً كبيراً، وكان  رضي الله عنه، يأكل من عمل يديه، ويتصدق بعطائه[6].

ما ورد فيه من الفضائل:

وقد ورد في فضله أحاديث كثيرة، منها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، قال: «كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ نزلت عليه سورة الجمعة، فلمّا قرأ: ( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ )[7] قال: من هؤلاء يا رسول الله؟ فلم يراجعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثاً، قال: وفينا سلمان، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا ناله رجال من هؤلاء»[8].

ومنها ما رواه أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «السُّبَّاق أربعة: أنا سابق العرب، وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبش»[9] .

 

وفاته ومقبره: 

بعد عمر عامر قضاه هذا الصحابي الجليل، صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ملازماً له، مدافعاً عن دين الإسلام، مجاهداً بما يملك، حانت ساعة الوداع، ونزل به الموت، فبكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أما والله ما أبكي جزَعاً من الموت، ولا حرصاً على الرّجعة، ولكن إنما أبكي لأمر عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخشى أن لا نكون حفظنا وصية نبينا صلى الله عليه وسلم، إنه قال لنا: «لِيكن بلاغُ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» [10].

توفي رضي الله عنه، في خلافة علي رضي الله عنه بالمدائن سنة ست وثلاثين[11]. وقيل: توفي سنة خمس وثلاثين، في آخر خلافة عثمان، وقيل: أول سنة ست وثلاثين، وقيل: توفي في خلافة عمر، والأول أكثر[12]. أمّا قبره فظاهر معروف، بقرب إيوان كسرى عليه بناء[13].

 

 

 

 


[1]  الطبقات الكبرى: 4/75.

[2]  الثقات لابن حبان: 2/157.

[3]  أسد الغابة: 2/265.

[4]   الطبقات: 4/84.

[5]  أخرجه أحمد في مسنده: 39/117. ح: 33713.

[6]  معرفة الصحابة لأبي نعيم: 3/1327.

[7]   سورة الجمعة: آية 3.

[8]  فضائل الصحابة للنسائي: 1/52.

[9]  معرفة الصحابة لأبي نعيم: 3/1327.

[10]  الطبقات: 4/91.

[11]  الثقات:3/157.

[12]  أسد الغابة: 2/269.

[13]  تاريخ بغداد: 1/508.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق