الرابطة المحمدية للعلماءأخبار الرابطة

البحث في التراث الإسلامي: أهميته ومستلزماته

موضوع الدورة التكوينية التي نظمها مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين التابع للرابطة المحمدية للعلماء بطنجة يومي 28-29 دجنبر 2010

في إطار الأهداف والغايات المرسومة وفق الرسالة التربوية والعلمية للمراكز التابعة للرابطة المحمدية للعلماء، نظم مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين دورة تكوينية حول موضوع “البحث في التراث الإسلامي: أهميته ومستلزماته” بتأطير خبير علم الاكتناه العربي الإسلامي الدكتور قاسم السامرائي، يومي الثلاثاء والأربعاء 22-23 محرم 1432 هـ/ 28-29 دجنبر 2010 بمقر جمعية التوعية الإسلامية بطنجة.

وقد عرفت الدورة حضورا مميزا لطلبة وأساتذة باحثين في مجال التراث والدراسات الإسلامية من مدينتي طنجة وتطوان.

اليوم الأول: الثلاثاء 22 محرم 1432هـ/ 28 دجنبر2010، مر عبر جلستين:
جرت أطوار الجلسة الأولى المخصصة لمدارسة موضوع: لماذا نحقق التراث؟ بتسيير الدكتور بدر العمراني؛ رئيس مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين بطنجة، أكد خلالها الدكتور قاسم السامرائي أن العمل في المخطوطات يتطلب الهواية التي يدفعها الحب، وهذا الحب بدوره يكون بدافع الاستطلاع، وقال إنه إذا توفرت هذه الشروط عند أحد فإنه سيصل إلى ما يريد حتما.

ثم أشار الأستاذ قاسم السامرائي إلى أن المستشرقين كانوا سببا في تحريف عدد من نصوص التراث، ونعى على من يشيد بهم وبأعمالهم.

ثم قدم الأستاذ المحاضر لمحة عن تطور الخط العربي، وعرض بخصوص ذلك مجموعة من الصور والنقوش النبطية وصور الخطوط العربية القديمة المكتوبة في الرسائل الورقية والبردية. ثم انتقل إلى السؤال الأساس والأهم في هذه المحاضرة وهو: لماذا نحقق التراث؟ وهل للتحقيق أصول؟ وهل للمحقق صفات؟

وفي نفس السياق ذكر الأستاذ قاسم السامرائي أن كلمة : حقّق: تعني وثّق، وتعرف على حقيقة الشيء وجوهره.

أما فيما يخص صفات المحقق: فقد أكد الأستاذ السامرائي أنه ينبغي أن يكون لديه حب جارف نحو التراث المخطوط، ثم الإتقان التام باللغة، وإلمام هائل بالمعرفة الإسلامية.

بعد ذلك انتقل المحاضر إلى الكلام على مراحل التحقيق: تجميع النسخ، والمعرفة بالخط، وشدد على أن المحقق يجب عليه ألا يدخل في النص ما ليس منه أبدا، إلا في حالتين: في تصحيح آية قرآنية أو تصحيح خطأ في حديث نبوي.

وبعد الاستراحة، عاد الأستاذ المحاضر في الجلسة الثانية للحديث عن أخلاقيات تحقيق النص، ثم تحوّل إلى شرح كيفية صناعة الكاغد أو الورق، وتبيان الفرق بين المداد وبين الحبر، وقال إن الإنسان كتب على الطين والصخر الأملس قبل أن يكتب على البردي والورق، وقبل أن تنشأ المراكز الإسلامية الكبرى في صناعة الكاغد بالأندلس والقاهرة وبغداد، واشتهر منها الكاغد الشاطبي بالأندلس. وقد صنع المسلمون الورق من مواد مختلفة كالقطن وقشور الأرز وبأوراق التوت والكتان. ثم تكلم حول صناعة الكاغد بالبلدان الأوربية والمراحل التي يمر منها وركز الحديث على هذه العناصر : الحوض – قالب – نواعير – التجليد – العلامات المائية ، والجميل أنه أتى بنماذج وصور عرضها على الحضور عبر العاكس الضوئي.

ثم تطرق الأستاذ قاسم السامرائي في نهاية هذه الجلسة إلى موضوع التزوير في المخطوطات والوثائق، وقال: وهذا علم يكاد يكون محصورا الآن في الدول أما الأشخاص المهتمون بذلك -أي بمعرفة المزوَّر من المخطوطات والوثائق- فقد تناقص عددهم تناقصا كبيرا.

وبعد ذلك فُتح المجال للطلبة والباحثين للمناقشة الأستاذ المحاضر فيما عرضه من آراء وقضايا،.

خصص اليوم الثاني من هذه الدورة التكوينية لموضوع: “الفتنة وأسبابها في الفكر الإسلامي”، عرض خلالها المحاضر التفاصيل التي تركزت حول مسألة الخلافة بين السنة والشيعة. وقد أتى الأستاذ المحاضر بحجج قوية تثبت أن الشيعة حوّلوا الصراع من خلاف سياسي إلى خلاف عقدي، وأول تلك الحجج أنه لا يوجد نص صريح بالقرآن يقول إن علي يجب أن يخلف الرسول في حكم الأمة. فالمسألة إذن كانت سياسية : فيمن يحكم؟

كما أكّد الأستاذ المحاضر أن لفظ الخليفة ليس له مدلول قدسي إطلاقا. وقال: فإذا كان الشيعة يؤكدون على أن الخلافة كان ينبغي أن تكون لعلي، فإن عليا قال لهم: دعوني والتمسوا غيري…. وهذا ما رواه مؤرخو الشيعة، ثم إن عليا رضي الله عنه لم يبد اعتراضه أبدا على خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم.

وذكر الأستاذ قاسم السامرائي أن علماء الشيعة فسروا العديد من الأقوال منها أقوال للرسول على غير حقيقة معناها، كقوله صلى الله عليه وسلم: “أنا مدينة العلم وعلي بابها”. فهذا قول يؤكّد على غزارة علم عَلِي لا غير.

وأثناء العرض أكد الأستاذ المحاضر أنه لم يعتمد في عرضه إلا على مصادر الشيعة والعهد القديم (التوراة) ولم يعتمد على أي مصدر سني.

وقال إن لفظة “شيعة علي” أطلقت على الجيش الذي حارب مع علي في واقعة الجمل، وتاريخيا فإن حركة الشيعة بدأت حركة سياسية ولم تتحول إلى حركة عقدية إلا بعد ستة قرون. ثم أتى بقول لعالم شيعي خلاصته أن المعتقدات الشيعية هي مزيج من المعتقدات التي كان يعتقدها مجموعة معينة أو فرقة معينة، وتسربت إلى الإثنى عشرية وأصبحت موثقة بالجدل والمنطق وأيدها علماء الشيعة بالشواهد الدينية.

ولكي يربط المعتقدات الشيعية بسياق التاريخ تكلم الأستاذ المحاضر على عبد الله ابن سبأ، المعروف بابن السوداء، وقال إن ابن سبأ كان حقيقة بالرغم من أن المؤرخين الشيعة ينكرونه. والمؤرخ الوحيد الذي تكلم عليه هو سيف بن عمر التميمي، ووفقا لما قاله كان ابن سبأ يهوديا من اليمن اعتنق الإسلام عام 29هـ في خلافة عثمان.

ثم تحول الأستاذ المحاضر إلى الكلام على أسس عقيدة الشيعة: الوصية – الرجعة – البداء – التقية. وبخصوص هذه الأخيرة قال الأستاذ المحاضر إنها مبدأ سري دخل التشيع، وأن الشيعة يعتقدون أن كل من يتخلى عن التقية قبل ظهور المهدي يخرج عن الإسلام. وقال: إن الحقيقة هي أن أغلب علماء الشيعة يعتقدون بأن القرآن وقع به تحريف لكن عقيدة التقية تمنعهم من المجاهرة بذلك.

وفي المناقشة ردا على مسألة تشكك المؤرخين في مرويات سيف بن عمر التميمي في كتاب “الردة والقتوح”، قال السامرائي: إن رواية الأخبار التاريخية هي غير رواية الحديث، فالمؤرخون المسلمون اهتموا بالترجمة لرواة الحديث وأغفلوا أصحاب الأخبار. وساق مثالا بأن بعضهم كان ضعيفا في الحديث لكن الأخبار التاريخية التي يرويها كانت صحيحة. وتخللت المناقشة عددا من القضايا المتعلقة بالخلاف السني الشيعي. وعلى رأي الأستاذ المحاضر فإنه لا نستطيع أن نناقش الشيعة الذين يومنون بعصمة الأئمة وبالتقية.

ثم ختم اللقاء بتوزيع شواهد الحضور بلغت 50 شهادة، وبقصيدة شعرية من إلقاء الأديب الشاعر عدنان أجانة احتفاءً بالدكتور قاسم السامرائي تحت عنوان: “يا ابن العراق”.

                                      إعداد رشيد العفاقي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق